الحجاج والغلام
فقال الغلام: تركتها ترعى أوراق الصوان.
فصاح الحجاج به قائلًا: يا قليل العقل ويا بعيد الذهن هل للصوان ورق؟
فقال الغلام: وهل للإبل قرون؟
فقال الحجاج: هل حفظت القرآن؟
فقال الغلام: هل القرآن هارب منى حتى أحفظه.
فسأله الحجاج: هل جمعت القرآن؟
فقال الغلام: وهل هو متفرق حتى أجمعه؟
فقال له الحجاج: أما فهمت سؤالي؟
فقال الحجاج:
أخبرني عن آية في القرآن أعظم؟
وآية أحكم؟
وآية أعدل؟
وآية أخوف؟
وآية أرجى؟
وآية فيها عشر آيات بينات؟
وآية كذب فيها أولاد الأنبياء؟
وآية صدق فيها اليهود والنصارى؟
وآية قالها الله تعالى لنفسه؟
وآية فيها قول الملائكة؟
وآية فيها قول أهل الجنة؟
وآية فيها قول إبليس؟
فقال الغلام:
أما أعظم آية فهي آية الكرسي.
وأحكم آية: "إن الله يأمر بالعدل والإحسان".
وأعدل آية: "فمن يعمل مثقال ذرة خيرًا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرًا يره".
وأخوف آية: "أيطمع كل امرىء منهم أن يدخل جنة نعيم".
وأرجى آية: "قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعها".
وأما الآية التي كذب فيها أولاد الأنبياء فهي: "وجاءوا على قميصه بدم كذب"، وهم إخوة يوسف كذبوا ودخلوا الجنة.
وأما الآية التي صدق فيها اليهود والنصارى فهي: "وقالت اليهود ليست النصارى على شيء وقالت النصارى ليست اليهود على شيء"، فصدقوا ودخلوا النار.
وآية فيها قول الأنبياء: "وما كان لنا أن نأتيكم بسلطان إلا بإذن الله وعلى الله فل يتوكل المؤمنون".
وآية فيها قول الملائكة: "سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم".
وآية فيها قول أهل النار: "ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون".
وآية فيها قول إبليس: "أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين".
فقال الحجاج:
أخبرني عمن خُلق من الهواء؟
ومن حُفظ بالهواء؟
ومن هلك بالهواء؟
فقال الغلام:
الذي خلق من الهواء سيدنا عيسى عليه السلام.
وأما الذي هلك بالهواء فهم قوم هود.
فقال الحجاج:
فأخبرني عمن خُلق من الخشب؟
والذي حُفظ بالخشب؟
والذي هلك بالخشب؟
فقال الغلام:
الذي خلق من الخشب هي الحية خلقت من عصا موسى عليه السلام.
والذي حفظ بالخشب نوح عليه السلام.
والذي هلك بالخشب زكريا عليه السلام.
فقال الحجاج:
فأخبرني عمن خُلق من الماء؟
ومن نجا من الماء؟
ومن هلك بالماء؟
فقال الغلام:
الذي خلق من الماء فهو أبونا آدم عليه السلام.
والذي نجا من الماء موسى عليه السلام.
والذي هلك بالماء فرعون.
فقال الحجاج:
فأخبرني عمن خُلق من النار؟
ومن حُفظ من النار؟
فقال الغلام:
الذي خُلق من النار إبليس.
والذي نجا من النار إبراهيم عليه السلام.