الجمعة 27 ديسمبر 2024

قصة الفلاح

انت في الصفحة 3 من 5 صفحات

موقع أيام نيوز

كان يؤمن أن الأرض أمه، رغم أنه أجير فيها. وتقبل برضا بقاءه في البيت بدون عمل لعدة أشهر، لأن زبيدة ابنة عمه، عملت له عملًا بوقف الحال، وقبل فرحه بأسبوع عملت له عملًا بالربط. 
زبيدة كانت تساعد زوجة عمها في الخبيز والغسيل، تعلق قلبها بحسن منذ الطفولة، لخفة دمه وطيبته وتناسق بدنه مع حجمها الضئيل، وبسبب الرجفة التي تهز كيانها حين تراه ويتحول وجهها إلى جمرة، إن مست يده، وكان يشعر أنها أخته ولا يراها امرأة للحب والزواج. 

مكرت لزوجة عمها، فكت الخياطة في ذيل جلباب حسن المتعرق، وقصت قطعة قماش بحجم ربع كفها، وأخذتها وذهبت بها لساحر في عزبة مجاورة برفقة صديقتها ميرفت التي تعمل في مصنع الغزل والنسيج الجديد في المدينة، بعد أن أوهمتها أنه سيكره فريال ويصبح ملكًا لها!
رحب الساحر الوسيم الطويل الأربعيني بالجميلتين، وقدم لهما عصير مانجو مختلطًا بقرع عسلي، وحلوى البقلاوة، وتعامل معهما برقة وذوق كطبيب، وقال: إكرامًا لكما سآخذ جنيهين!
لكن لم يكن بحوزة زبيدة سوى جنيه واحد فقط، ادخرته خلال سنة، وقبل الساحر، وكانت عيناه تكتبان على وجنتيها  كلامًا مفترسًا، لأن الفتاة التي لم تغادر العزبة من قبل، أعجبتها أناقته ووسامته وسحره الخاص، ولاحظ هو بسهولة نظراتها المعجبة العفوية. 
- لماذا تريدين ربط حسن يا زبيدة؟  قال الساحر ونظر في عينيها. 
- أنا أحبه وفضل فريال واختارها وأحرق قلبي. 

- سنعمل له الصالح لا تحزني. 
ثم تجاسر الساحر ومس كتف زبيدة برفق، فارتعدت وانتفضت وأرجعت نصفها العلوي للخلف وأحست برهبة وقلق، وبعدما انتهى من الكتابة بحبر زهري على ورقة، وقرأ بعض الكلمات، ذوب الورقة في كوب ماء ألومنيوم كبير، ثم نقل الماء لزجاجة، وأفهمها أن ترش الماء على عتبة بيت حسن ليمر فوقه، وعندها سيتم المراد. 

انصرفت زبيدة مع ميرفت، ووصفت لها مشاعرها التي التهبت عندما مسها الساحر الوسيم، وأنها كانت خائفة جدًا. 
ضحكت ميرفت وقالت لها: يبدو أنه سقط في غرامك يا قمر، وأسرعتا الخطى، وركبتا عربة خضار يجرها حمار مع فلاحات وفلاحين. 
ظل حسن محبوسًا عن زوجته ثلاثة أشهر، وظن هو وزوجته وأهله أنه لا يصلح للنساء، وندمت زبيدة عندما رأت بكاء إخوته وأمه.
كان يجلس على ضفة المصرف ويدلي قدميه في الماء ويطعم الإوز والبط، وحين جاءت عينا زبيدة في عينيه وجدت شيئًا جميلًا في روحه قد انطفأ وأحست أنه رجل عجوز حزين منكسر. 
ذهبت زبيدة للساحر برفقة ميرفت، وطلبت منه فك السحر، رحب بهما وأحضر لهما عصير التوت الأسود وحلوى البسبوسة، ورغم أن زبيدة أحست بوجود مودة وتواصل خفي بين صديقتها والساحر، تجاهلت إحساسها. 
كان واجب ضيافة الساحر يسيل لعاب الفتاتين، رغم نصائح الأمهات للبنات خاصة وللأولاد بعدم أكل أو شرب أي شيء لدى الأغراب. 

انت في الصفحة 3 من 5 صفحات